Tuesday, February 24, 2009

هل تزودت للأخرة؟


الدنيا قد أقبلت علينا بزخارفها فأقبلنا نتهارش عليها ونتنافس على حطامها فأشغلت الكثير منا عن طاعة الله وعن التزود للآخرة ونسينا بها لقاء الله وانشغلنا بها عن ما أعده الله لنا بتركها والزهد فيها، ولقد حذرنا منها العليم بها فقال - تعالى -: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) وقال - تعالى - في وصفها: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) . وقال حكيم: {مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب استظل في ظل شجرة ثم راح وتركها}... وقال: {الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً}. ولحقارة الدنيا وهوانها على الله فقد زواها عن أحب الخلق إليه وأكرمهم عليه محمد بن عبدالله، ولو كانت خيراً لساقها إليه ولأسلمها ذليلة بين يديه، ولكن لكرمه عليه ولهوانها عنده حجبها عنه ونزعها منه، وهو القائل: {والله يا عائشة لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة}. ومع أنه أحب الخلق إلى الله إلا أن الجوع أحياناً يبلغ منه مبلغاً عظيماً يضطره للخروج من بيته لا يخرجه إلا بطنه الخاوي وكبده العطشى. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاوياً، وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم الشعير). وليته قد شبع من خبز الشعير. تقول عائشة - رضي الله عنها -: {ما شبع رسول الله من خبز الشعير يومين متتاليين حتى قبض} الله أكبر ما شبع من خبز الشعير الذي يعطى في هذا الزمن للحيوانات. فماذا نقول نحن عن هذه النعم التي بين أيدينا؟ هل أدينا شكرها. اللهم لا تبتلينا فتفضحنا فإنا ضعفاء، ووفقنا لشكر نعمتك، وتقول عائشة - رضي الله عنها - لعروة - رضي الله عنهما -: {والله يا ابن أختي إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في بيت رسول الله نار، قال: قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء}. والدنيا إنما هي كأحلام نوم، أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً وإن سرت يوماً أو أياماً ساءت شهوراً وأعواماً، وإن متعت قليلاً منعت طويلاً وما حصلت للعبد فيها سروراً إلا خبأت له أضعاف ذلك شروراً، والمغرور من إغتر بها

No comments:

Post a Comment